تخطى إلى المحتوى


تقرير – هدى التوابتي

 عام رحيل “مرسي”.. يمكن القول: إن ٢٠١٩ هو العام الأشد ألمًا على المصريين، ومعارضي الانقلاب بشكل خاص، فهنا في هذا العام كُتبت شهادة وفاة لأول تجربة ديمقراطية عرفتها مصر، وبشكلٍ مُؤلم، حيث سجّل هذا العام رحيل رمز تلك التجربة، الدكتور “محمد مرسي” أول رئيس مصري منتخب.

ورغم عظم جريمة مقتل أول رئيس مصري منتخب، وأمام العالم كله، وتحت ناظري دعاة الديمقراطية والحرية، إلا أن ردود الأفعال التي صدرت منذ مقتله في يونيو وحتى نهاية ٢٠١٩ لم تكن مناسبة لشعارات الديمقراطية والحرية ووهم الدفاع عن المظلومين.

يوم الوفاة

في الـ 17 من يونيو الماضي، كانت جلسة من جلسات محاكمة “مرسي”، التي يُتاح من خلالها رؤيته خلف أسوار شائكة وزجاج عازل، وكاميرات تلفزيونية، لأسرته ومُحبّيه، فهو الممنوع من التواصل مع العالم منذ سنوات، وحتى مع أهله.

في ذلك اليوم تحدّث “مرسي” كلمته الأخيرة، وسقط أمام الكاميرات، وأمام القضاة، لتُعلن وسائل الإعلام المصرية بعدها بدقائق وفاته.

وعقب وفاة “مرسي” بساعات، تعنَّت نظام قائد الانقلاب “عبد الفتاح السيسي” في إعلان تفاصيل دفنه، وأخيرًا تم دفنه فجر الثلاثاء 18 يونيو بحضور أسرته، وابنه المعتقل أسامة، وبغياب باقي أسرته ومحبيه ومناصريه، حيث لم تسمح سلطات الانقلاب بإقامة جنازة وعزاء، بل وحاصرت منزله، وقامت بعدها باعتقال عدد ممن حاولوا القيام بواجب العزاء لأسرته من بينهم الصحفية آية علاء حسني”.

ردود أفعال

وعلى الرغم من جريمة النظام المصري، إلا أن التفاعل الدولي مع مقتل أول رئيس مصري منتخب اتسم بالازدواجية، فجاءت ردود أفعال أغلب دول العالم باهتة لا تتناسب مع الجريمة، باستثناءات قليلة.

كان أبرز رد فعل على الجريمة، هو رد الفعل التركي، حيث قام الرئيس رجب طيب أردوغان بتوجيه العزاء لأسرة الراحل، مضيفًا أنه يمكن للظالمين أن يسعوا لقتل المظلومين أو حتى يمكن أن يكونوا وسيلة في استشهادهم بقتلهم، ولكن لا يستطيعون المساس بمجد نضالهم أبدًا.

وعقب أيام من وفاة “مرسي” وخلال انعقاد قمة العشرين وجَّه “أردوغان” هجومًا لاذعًا على “السيسي”، وحكومته، على خلفية مقتل “مرسي”، وطالب الدول المشاركة في قمة العشرين بالتحقيق في كافة أبعاد “استشهاد” “مرسي”، مؤكدًا أن وفاته جاءت بصورة مشبوهة.

وأشار “أردوغان” إلى أن دفن “مرسي” دون فحص الطب الشرعي يدعو للتفكير في ملابسات وفاته، مؤكدًا أنه من الضروري في هذه الحالات إجراء فحص الطب الشرعي بصورة قطعية، وإلا فإنه من الواضح أن هناك شبهات في هذه القضية.

تتابعت المواقف الدولية، فقدّمت قطر تعزيتها، كما قدّمت الملكة نور قرينة الراحل السلطان حسين ملك الأردن تعازيها لأسرته، واعتبرت نائبة رئيس الوزراء الماليزي وفاة “مرسي” خسارة كبيرة للديمقراطية، أما رد الفعل الأمريكي فقد اكتفت المتحدثة باسم الخارجية ردًا على سؤال حول الموقف الأمريكي من وفاة “مرسي” بأنه ليس لديهم تعليق.

وطالبت عضوة مجلس الشيوخ الأمريكي إلهان عمر بإجراء تحقيق مستقل في ملابسات وفاة الرئيس المصري الراحل “محمد مرسي“.

وأعادت “عمر” تغريدة نشرتها مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان، تدعو فيها السلطات المصرية لـ “إجراء تحقيق شامل ومستقل في ظروف وفاة مرسي، بما في ذلك ظروف احتجازه”.

واشترطت المفوضية أن “تجري هذا التحقيقَ سلطة قضائية أو سلطة مختصة أخرى مستقلة عن السلطة التي احتجزته، على أن تُفوض بإجراء تحقيقات فورية ونزيهة وفعالة في ظروف وفاته”.

ولكن “عمر” ترى أنه “لا شيء من هذا منطقي! يجب أن ندعو إلى إجراء تحقيق مستقل في ملابسات وفاة الرئيس مرسي، ودفنه المتسارع، وظروف احتجازه”، في إشارة إلى إجراء تحقيق دولي في الأمر، وليس مصرياً.

المنظمات الدولية

اكتفت الأمم المتحدة في أول رد لها على وفاة “مرسي” بتوجيه التعازي، مطالبةً بتحقيق في ملابسات الوفاة، بينما قالت سارة لي ويتسن – مديرة فرع هيومن رايتس ووتش في الشرق الأوسط -: إن وفاة مرسي “أمر فظيع لكنه متوقَّع تماماً”، وطالبت المنظمة بتحقيق نزيه وشامل وشفاف في ظروف وفاة “مرسي”، ومحاسبة المسؤولين عن سوء معاملته.

لم يختلف موقف منظمة العفو الدولية عن موقف “هيومن رايتس ووتش”، حيث طالبت أيضًا بتحقيق نزيه وشامل وشفاف في ظروف وفاة “مرسي”، ومحاسبة المسؤولين، مشيرةً لسجل مصر الحافل في تعذيب السجناء وانتهاك حقوقهم.

فيما اعتبرت منظمة “إف دي” ما حدث جريمة قتل مع سبق الإصرار والترصد، مشيرةً إلى أن منع إنسان من الدواء قصد قتله وتعذيبه حتى الوفاة جريمة يُعاقب عليها القانون وفق نص الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان.

وعقب أربعة أشهر من وفاة الدكتور “مرسي”، وتحديدًا نوفمبر الماضي، أصدرت الأمم المتحدة بيانًا رسميًا قالت فيه: إن خبراء مستقلين تابعين لها أكدوا أن نظام السجن في مصر يمكن أن يكون قد أدَّى لموت “مرسي”، مشيرةً إلى أنه يُهدّد حياة الآلاف الآخرين.

ووصفت الخبيرة بالأمم المتحدة إجنيس كالامارد في البيان أن موت “مرسي” يصل للقتل التعسفي، مضيفةً أن الأمم المتحدة استلمت أدلةً مُوثَّقةً على أن آلاف المعتقلين يُعانون من مخالفات لحقوقهم الإنسانية، ويُعاني العديد منهم مواجهة خطر الموت، مشيرةً إلى أن تلك ممارسة ثابتة ومقصودة من نظام “السيسي” ضد معارضيه.

رحيل نجل “مرسي

عقب شهرين فحسب من وفاة الرئيس الراحل “محمد مرسـي”، جاء نبأ مقتل نجله عبد الله مرسي بشكل مفاجئ ومُفجِع للجميع، بسكتةٍ قلبيةٍ مفاجأةٍ، حاول نظام “السيسي” إرجاعها لِمَا وصفه بتناول عقاقير طبية ومنشطات.

في المقابل اتهمت أسرة الدكتور “مرسـي” نظام “السيسي” بقتل نجله البالغ ٢٥ عامًا، ففي ذكرى مولد “عبد الله” وبعد وفاته بشهر كتبت والدته نجلاء مشعل على حسابها بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”: “حبيبي الغالي ظنوا أنهم بقتلك أنهوا حياتك ولم يعلموا أنك بدأتها، كل الناس تذهب إلى الموت عن طريق الحياة إلا الشهيد يذهب للحياة عن طريق الموت، أحسبك من الشهداء”.

وعلّق “أحمد مرسي” على تقرير الأمم المتحدة الصادر في نوفمبر عن مقتل الدكتور “مرسـي” تعسفيًا قائلًا: “مرسـي قُتل تعسفيًا من قِبل الدولة بشكل وحشي”، مضيفاً تساؤله: “وسؤالي وابنه الأصغر عبد الله ابن الخامسة والعشرين كيف قُتل!؟”.

نشر في موقع الثورة اليوم هنا